الاثنين، ١٢ يناير ٢٠٠٩

تيتو


أكاد أتأكد –وهذا شديد الندرة-من أن أقصى عذاب يمكن توجيهه إليّ هو نابع من داخلي .. وينبعث بالتحديد من الأربعمائة وخمسة وخمسون جراماً المحتلة لصندوق العظام القاطن أعلى رقبتي.. وعن هذا الوزن الدقيق فلقد تم منذ فترة ليست بالقليلة عن طريق أحد الأجهزة التكنولوجية الطبية الحديثة بواسطة أحد أصدقائي الأطباء بجزيرة صقلية .. ولجزيرة صقلية طبيعة خلاّبة ونساء جميلات و شعب ودود يصدق الشائعات .. ولكني لا أعتقد بعبقرية تضاهي عبقريتنا في خلق مثل تلك الشائعات بحبكات محكمة وطريقة واثقة في الإلقاء مع إضافة بعض البهارات من نوعية القسم بأنواعه المختلفة أو المبالغات المقبولة أو الاستعانة بمصدر ثقة من نوعية " بنت خالتي شافتها بعينها ..، واحد صاحبي هو اللي قاللي .. بس دا واد إيه ...كفاااااءة" ،و آخر ما سمعت منها هي عند تمنياتي بالشفاء ل"تيتو" صاحب ال"السايبر" المتاخم لمنزل صديقي ورفيقه في ليالي الدخان الأزرق الشتوية الجميلة عندما لاحظت أعراض "دور البرد" الشهيرة تعكر يومه فرد في تلقائية :" دي إنفلونزا إفريقي ..أه وربنا .. الأفارقة نقلوها للمصريين ف الحج .. فتحس إنها شديدة والعلاج ميقدرش عليها .. تفضل معاك بالأسبوعين والتلاتة .. إفريقي إفريقي يعني " ..
"تيتو" اسم انتشر كإسم حركي لعشرات الشباب بعد قيام نجم الحركة السينمائي الأول ببطولة فيلم يحمل اسم الشخصية الرئيسية به "تيتو" .. هو أيضاً الاسم الحركي لصديقي في منبت رأسي والتي أصبحت أسافر إليها أقل مما يتصل بي هذا الصديق الغالي والذي يؤكد دوماً أنه قد حصل علي لقب "تيتو" قبل تصوير الفيلم السابق ذكره بأكثر من عشر سنوات ..أول الأمر ظننت أن لصديقي في طفولته اهتمامات سياسية تاريخية بالحقبة الناصرية ودول عدم الانحياز وغيرها مما قد يجعله فخوراً ومتشبثاً بذلك اللقب –والذي يفضل مناداته به عن مناداته باسمه في الأوراق الرسمية- إلا أن السر الذي أطلعني عليه "تيتو" وأفشيه الآن ينص علي أن صورة تذكارية التقطت له ولعائلته في زفاف أحد الأقرباء أظهرته مرتدياً "بلوفر" أزرق اللون غامقه يحمل علي صدره وبحروف رمادية انجليزية كبيرة كلمة "تيتو"..
وبالعودة ل"دور البرد" أجد أن أخي الصغير .. هذا الرجل الجميل .. قد أصيب بأحدهم أثناء امتحانه بأولي المواد الدراسية لهذا الفصل الدراسي .. أؤكد أثناء –كما أكد لي- ليس قبل أو بعد .. وهذا الامتحان كان في اليوم السابق مباشرة لذكري يوم ميلاد أخي الثانية والعشرين .. وأخي .. هذا الرجل الجميل .. أحد القلائل الذين أحبهم فعلاً .. ليس لكونه أخي ولكن لاستحقاقه لذلك .. فلا معنى أن أحب أحداً لعلاقة أرغمت أنا وهو علي الدخول فيها خاصة أن كان أحد الأشخاص الذين لا يستحقون ذلك الشرف ..أو ما أحسبه أنا كذلك ..