الثلاثاء، ٥ فبراير ٢٠٠٨

هو ليس مديحاً ...ولكن...


القلب-عضوياً- من الأعضاء صاحبة الخلايا غير المتجددة ..أي أن خلاياه الهالكة لا تعاود النمو.. لا تعوض .. وتقوم باقي الخلايا بالمهام ..حتي إشعار آخر..
القلب –معنوياً- هو ذلك التشابك من المشاعر والأحاسيس التي تركض في كل اتجاه بمختلف أشكال العلاقات بحثاً عن معني مجرد ..عن الجمال ..
فقدان الإحساس بالجمال هو تداخل عنيف بين مفهومي القلب عضوياً ومعنوياً يؤدي لموت عدد كبير من خلايا عضلة القلب ..والتي–بالطبع-لا يمكن تعويضها..
وعندما يتجسد الجمال في كلمات ..تصمت كل الأقلام .. وتنصت لسيدة ينابيع الإبداع ..


تلك الكاتبة الاستثنائية تلهو بالقلم –كهاوية-برشاقة بالغة فتحيله إلي باليرينة تنساب حركاتها بخفة ونعومة وانسجام علي الورق .. فتنساب الكلمات علي عينيك كحورية ..علي أذنك كترنيمة فردوسية مقدسة..علي قلبك كلقاء حبيب .. طال انتظاره..
تعزف هذه المبدعة المتفردة مقطوعات شرقية وسيمفونيات غربية.. ترسم لوحات تعبيرية بديعة التفاصيل .. وتنحت التماثيل –الكتابية- بدقة تجعل الواقع يلهث خلفها .. في سباق المحاكاة ...

عندما تُقسم فهي تقسم بكرم يديها الدافئتين .. ولا عجب .. فهذان الكفان الرقيقان ملك لإمبراطورة المشاعر والمعاني والأخيلة والأحاسيس ..

تشعر أحياناً بأنها بلا أدني هوية.. وكيف لا يراودها ذلك الشعور .. وهي مخالطة لبشر عاديين ..بشر هذا الزمان المشوه الذي أضفي تشوهه علي مخلوقاته فأضحوا وحوشاً تنهش مؤخرات بعضها البعض .. بينما هي ..تنبض بالحب لكل محيطها الخارجي الغادر....!!

لم يقال عبثاً أن الإبداع يولد من رحم المعاناة ..ولذلك فمن خط حبر قلمها هذه الكلمات" تحاول معه النهوض عن الأرضية التي كادت تلتصق بها ، متهالكةٌ تماماً روحها ... يسري الألم منها إلى نخاع عظامها فأطراف أطراف أعصاب حسها ككتيبة نمل أحمر صغير نظَم السير تحت جلدها الرقيق ... لتؤكد لدغاته ضعفها اللانهائي"
لا يصح إلا أن تكون روح شفيفة.. هائمة حولنا جميعاً .. تنفحنا كل حين بعطاياها السخية .. ننتمي إليها بكليتنا ..حيث ننتمي .. للجمال الصافي المجرد

"استوعبت جيداً أنه الواقع الذي لابد أن يواقع ، ومادامت تحيا بشهادة أنفاسها المترددة ونبضاتها المتسارعة فلا بد وأن تستذكر دروسها جيداً حتى درسها الأخير ... تحسباً لاختبارات مدرسة الحياة ،، مباغتة تأتي هي ،، محيرة ،، يأتي تاليها أكثر تعقيداً من سابقها"
وارد أن تُعجب بكتابة كاتب..أن تحب نصوصه..أن تستمتع بكلماته .. لكن أن تعشقها ..أن تقع في هواها ..فهذا هو الاختلاف ..فنصوص نورسين تجعلك تهيم بها ..تقرأها مرة واثنتين وثلاثة ..فلا تشبع..قد تدرك المعني المقصود والمغزى المختفي .. وتعبر كل مستويات القراءة..لكنك لا تستطيع الكف عن التهام تلك الوجبة الشهية لكلمات تنبض بسر الغواية ..فتوهمك بالاكتفاء والارتواء ... وما أن تغادرها ..حتي تهفو روحك العطشى....إلي المزيد..

"أكره شعوري باللاشعور ،أمقت هواياتي التي لم أهتويها "
باختصار ..هي كاتبة تكتب بالإحساس.. تكتب بعصب عارٍ لا بقلم مصمت.. ولذلك فمن الطبيعي أن يكون انعدام الشعور لها موات .. وما لم تهتويه بالطبع لم تشعر به .. فهي تقف في فناء الكتابة كراقص تنورة .. تدور وتدور .. لتمتع القاريء بألوانها الطيفية السبعة ..وقبل أن تختلط في عينه الألوان بلحظة.. يصبح متوحداً مع ألمها ..أسيراً لكلماتها .. فيغرق في محيط إبداعها ..ولا يطلب إنقاذاً..


"بنفسي خرجت من شرنقتي وملأت غرفتي ضياءاً،، لأرى ابتسامة الرضا بمرآتي، لأسدل شعري بظهري ويسري الدفء بأناملي وأتنفس أنقى أنفاسي"
تجلس المرادفات والأخيلة والمعاني والصفات والأساليب علي مقاعدها .. كل حواسها موجهة لمنتصف المسرح تماماً ..حيث تقف هي كمايسترو .. وبدلاً من العصاة السوداء الخشبية الرفيعة .. تحمل شرائط حريرية بيضاء طويلة .. أتت بها من عالمها الآخر .. لا ليست طويلة .. فالطول نصف به ما يمكن أن يقاس .. إنما كانت هذه الشرائط لانهائية الطول .. آتية من آبار الإحساس الصادق العميق .. وتبدأ المقطوعة ....


"تتمزق الصغيرة .. تتألم .. تشتاق ..تحاول الهدوء .. تحاول الاتزان"
علي سطح تلك البناية العتيقة .. وتحت شمس هادئة ونسمات عليلة .. تحمل مغزلها .. وتغزل ببطء وإحكام وعناية.. الحرف بجوار الحرف .. والكلمة قبل الكلمة .. والجملة تحتضن الجملة .. ثم تُعشِق الفقرة في الفقرة كالأرابيسك .. ثم تضفي لهيب مشاعرها .. مع قطرات من ألمها المركز المشوب بأنات روحها الجميلة ..فيخرج النص من بين يديها كقطعة خزفية بديعة .. فيتشرب من يقرأ بدفقة الإحساس التي تنتقل إليه كاملة ..ليواصل حياته ..بصورة أفضل ..


أستمر في القراءة لتلك الكاتبة الرائعة لإحساسي بأن "لي حق بالحياة لابد وأن أحافظ عليه" ..ألا وهو حق الاستمتاع بالجمال .. وأي عائق يقف في سبيل ذلك لن يكون إلا "صفر..شيء يملأ اللاشيء"..


هي سندريلا الكلمات بلا منازع ..هي ..نورسين ..


ملحوظة:السطور بالأزرق من كلمات الكاتبة.

هناك ١١ تعليقًا:

غير معرف يقول...

لا جدال هاهنا على موهبة الرائعه نورسين
هى احد اول خمس مدونات قمت باضافتها الى مدونتى
حتى تعليقتها بمدونتى كانت تصرخ رقه واحساسا.
تقاربنا كثيرا انا وهى من خلال التعليقات
والايميلات
لاننا وجدنا احدنا فى الاخر

وكعادة كل شئ جميل
انقطعت صلتنا ببعضنا

ربما نرجسيتى هى من تدفعنى ان اخط ذلك المديح
لانى ارى مديحك لها
فاشبهه نفسى بها
لا ادرى
ربما

لكن ما هو اكيد ان لاجدال على موهبتها
وروعة كلماتها او احساسها

كلمات لا تصدر الا من يملك قلبا مرهف

وان اردت ان الخص احساسى بنورسين فى كلمات لن اجد افضل من تلك الكلمات

وكيف لا يراودها ذلك الشعور .. وهي مخالطة لبشر عاديين ..بشر هذا الزمان المشوه الذي أضفي تشوهه علي مخلوقاته فأضحوا وحوشاً تنهش مؤخرات بعضها البعض .. بينما هي ..تنبض بالحب لكل محيطها الخارجي الغادر....!!

رحــــيـل يقول...

الرائع حورس

كعادتك رائع فى وصفك لكل ماهو جميل حقا

فنورسين من اجمل من عرفت فى عالم التدوين
فانا اعشق تلك السطور التى تكتبها
وتلك المشاعر الرائعه التى تنتابنى عند قرائتى لكلماتها
ومدونتها الاقرب الى قلبى لانى دائما اجدنى بين سطورها العميقه التى تلمس اوتار قلبى دائما

وعلى المستوى الشخصى فهى حقا من صديقاتى المفضلات واكثرهم قربا الى قلبى رغم البعد فى المسافات ولكنى اعلم جيد ان ارواحنا تتلاقى كما قالت من قبل

حورس اسمحلى من هنا ومن بين تلك الكلمات التى رسمت بها تلك الرائعه ان اقول لها
انى احبها كثيرا كثيرا واننى افتقد بشده تلك الكلمات التى تبهرنى بها

وخالص تحياتى لك وتقديرى

ســـــــمــــكة يقول...

حتى في وصفك الصادق انت رائع....
تستحق نورسين بجدارة

مي بهاء الدين يقول...

كتاباتها + وصفك لها = أجمل حاجة قريتها إلى الآن

بس
:)

_ زين_ يقول...

ياأهل المحبة..
والحروف والهوى..
سلامي وكلامي ليك ونورسين،
أما أنت فقد قرأت وأدركت واختمرت واخرجت جيدا..فكان ماقرأت قطعا موحية، وماأدركت مفاهيما شادية، ومااختمرت روحا حانية، وماأخرجت حروفا شاهية..
أما نورسين فابتعدت أميالا، وحملت جبالا، فتركت دمها على الطرقات، وعاشت بين الجنيات، لاتريد إنسا ولا أشياءا، غير السكون بلا جلبة ولا ضياءا..
فلما كانت الليلة التالية..
وجدت أن ماحدث قد شهد تكرار..فأين منه الفرار؟..
فياولدي لك المحبة على ماقلت..وأبليت..وياإبنتي عودي إلى خيمتك الافتراضية.. علنا ننحر لك فيها قمرا فضيا.يعيد الألق إلى حروفك..ويعيد البسمة إلى فاهك..
دمت ياحورس.. وأملا في أن تعود نورسين هذا الجرح المفتوح يخرج ألما وألقا لاينتهي..
تحياتي يازعيم..

sa7arkash يقول...

جميل جداا كلامها وتعبيراتها وجميل اوى احساسك واستخدامك لمقتطفات من عندهاأدام الله المعروف..

نبضات يقول...

صباح معطر بالورد والياسمين
هو ليس مديحا .....ولكن نسيج من تعبيراتك عن جمال الكلمات والاحساس واستخدام بعض جمل وكلمات هذه الانسانه الجميله لتعزف لنا هذه السليفونيه

أستمر في القراءة لتلك الكاتبة الرائعة لإحساسي بأن "لي حق بالحياة لابد وأن أحافظ عليه" ..ألا وهو حق الاستمتاع بالجمال .. وأي عائق يقف في سبيل ذلك لن يكون إلا "صفر..شيء يملأ اللاشيء"..

البوست كله ......سيلفونيه عزفتها بجداره فائقه .

متشوقه للتعرف على مدونتها

تحياتى

غير معرف يقول...

الكلام الجميل
يجد طريقه إلى القلوب
وارد أن يعجب كاتب بكاتب
ولكن أن يجعلنا نراه كأنها المرة الأولى
هذا هو الإبداع
أقول شكرا
للتدوين

maRo يقول...

ana awel mara ad5ol hna bs shaklaha blog gamda :)

نبضات يقول...

اريد تصحيح كلمه سيمفونيه فى تعليقى
بدلا من سيلفونيه اسفه على هذا الخطا المضحك

تحياتى

horas يقول...

shereen
ra7eel
سمكة
maii
زين
sa7arkash
نبضات
مصطفي سمير
maro:
ألف الف الف شكر على التعليقات
ويارب متزهقوش من زيارتي
واشوفكوا دايما على خير